الجزء الثاني، خطبة بعنوان: دروس وعبر من تحويل القبلة بين النظرية والتطبيق ، للدكتور خالد بدير بتاريخ 13 شعبان 1437هـ – 20 مايو 2016م
الجزء الثاني، خطبة بعنوان: دروس وعبر من تحويل القبلة بين النظرية والتطبيق ، للدكتور خالد بدير بتاريخ 13 شعبان 1437هـ – 20 مايو 2016م.
لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا
لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا
ولتحميل وقراءة الجزء الأول أضغط هنا دروس وعبر من تحويل القبلة www.doaah.com
ولقراءة الخطبة كما يلي:
عناصر الخطبة:
الدرس الأول: استمرارية عداوة اليهود للإسلام والمسلمين
الدرس الثاني: الابتلاء والامتحان والاختبار
الدرس الثالث: حرص المؤمن على أخيه وحب الخير له
الدرس الرابع: الارتباط الوثيق بين المسجد الأقصى والبيت العتيق
المقدمة: أما بعد:
عباد الله: هذا هو الجزء الثاني من خطبة : ( دروس وعبر من تحويل القبلة بين النظرية والتطبيق ) ؛ بعد أن تكلمنا في الجزء الأول في خطبة العام الماضي عن أربعة دروس وهي:
الدرس الأول: وسطية الأمة وشهادتها على جميع الأمم
الدرس الثاني: التسليم المطلق والانقياد الكامل لله تعالى، ولرسوله ـ صلى الله عليه وسلم
الدرس الثالث: وحدة الأمة الإسلامية
الدرس الرابع: تحويل حالنا مع الله
وقد تم نشرها في مجلة صوت الدعاة الاكترونية على شبكة الانترنت ( قسم خطبة الأسبوع ) بتاريخ 26 / 5 / 2015م
وإليكم نص خطبة هذا الأسبوع والتي تشتمل على أربعة دروسٍ أخري وتتمثل فيما يلي:-
الدرس الأول: استمرارية عداوة اليهود للإسلام والمسلمين
فيحنما نقرأ آيات تحويل القبلة والتي تبدأ بقوله تعالى: { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( البقرة: 142)؛ نجد أن الله أخبرنا بقول السفهاء قبل وقوع الحادث؛ وجاء التعبير القرآني بالسين ولفظ المضارعة ( سيقول ) ليدل على الاستمرارية والتجدد في القول. قال ابن كثير: ” قيل المراد بالسفهاء هاهنا: المشركون؛ مشركو العرب، قاله الزجاج. وقيل: أحبار يهود، قاله مجاهد. وقيل: المنافقون، قاله السدي. والآية عامة في هؤلاء كلهم، والله أعلم.”
وإذا كانت هذه الآية عامة في عداوة اليهود وغيرهم؛ فإن الله أوضح عداوة اليهود ظاهرة صريحة مؤكدة في قرآنٍ يتلى إلى يوم القيامة. قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا } (المائدة: 82) قال العلماء : أكد الله عداوة اليهود للمؤمنين بثلاثة مؤكدات: اللام ؛ ونون التوكيد ؛ ولفظ الجلالة والتقدير: ( والله لتجدن ) .
وهنا سؤال يطرح نفسه: لماذا قدم الله اليهود في العداوة على المشركين مع أن اليهود أهل كتاب؟!! يجيب على ذلك الإمام ابن كثير فيقول:” ما ذاك إلا لأن كفر اليهود عناد وجحود ومباهتة للحق، وغَمْط للناس وتَنَقص بحملة العلم. ولهذا قتلوا كثيرًا من الأنبياء حتى هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة وسحروه، وألَّبوا عليه أشباههم من المشركين – عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.”أ.ه
” قال المفسرون: إن اليهود ظاهروا المشركين على المؤمنين حسدًا للنبي – صلى الله عليه وسلم -، وكان ينبغي أن يكونوا أقرب إلى المؤمنين، لأنهم يؤمنون بموسى والتوراة، والكفار كانوا يكذبون بهما، لكنهم حسدوا المؤمنين ومحمدًا عليه السلام.”( التفسير البسيط)
فهذه العداوة اليهودية لأهل الإيمان قديمة وموغلة في التاريخ، فهم الذين قتلوا يحيى وزكريا عليهما الصلاة والسلام، وألقوا الموحدين في الأخدود، وحاولوا قتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم فعصمهم وحفظهم.قال تعالى: { وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ } [النساء:155].
بل إن سوء أدبهم وعداوتهم تعدت إلى الله في علاه؛ فوصفوا الله – عز وجل – بالفقر تارة؛ وبأن يده مغلولة لا تنفق تارة أخرى. قال سبحانه:{وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء.}. [المائدة:64]، وهم الذين قالوا: {إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلاْنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ} [آل عمران:181]، وسبب نزول هذه الآية ما رواه ” ابن عباس، رضي الله عنه، قال: دخل أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، بيت المدراس، فوجد من يهود أناسا كثيرا قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له: فِنْحَاص وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حَبْرٌ يقال له: أشيع. فقال أبو بكر: ويحك يا فِنْحَاص اتق الله وأسلم، فوالله إنك لتعلم أن محمدًا رسول الله، قد جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة والإنجيل، فقال فنحاص: والله -يا أبا بكر-ما بنا إلى الله من حاجة من فقر، وإنه إلينا لفقير. ما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء، ولو كان عنا غنيًا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويُعْطناه؛ ولو كان غنيا ما أعطانا الربا فغضب أبو بكر، رضي الله عنه، فضرب وجه فِنْحَاص ضربًا شديدًا، وقال: والذي نفسي بيده، لولا الذي بيننا وبينك من العهد لضربت عنقك يا عدو الله، فَاكْذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين، فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبصر ما صنع بي صاحبك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: “ما حَمَلَكَ على ما صَنَعْت؟” فقال: يا رسول الله، إن عَدُوَّ الله قد قال قولا عظيما، زعَم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء، فلما قال ذلك غَضبْتُ لله مما قال، فضربت وجهه فجَحَد ذلك فنحاص وقال: ما قلتُ ذلك فأنزل الله فيما قال فنحاص ردا عليه وتصديقًا لأبي بكر: { لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ } الآية.” ( رواه ابن أبي حاتم وابن كثير في تفسيره)
أحبتي في الله: إن عداء اليهود تعدى إلى أمين الوحي جبريل عليه السلام؛ كما ذكر ذلك القرآن. قال تعالى: { قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ * وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ * أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} (البقرة: 97 – 100)؛ قال الطبري:” أجمع أهل العلم بالتأويل جميعا على أن هذه الآية نزلت جوابا لليهود من بني إسرائيل، إذ زعموا أن جبريل عدو لهم، وأن ميكائيل ولي لهم. ثم اختلفوا في السبب الذي من أجله قالوا ذلك. فقال بعضهم: إنما كان سبب قيلهم ذلك، من أجل مناظرة جرت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر نبوته. فعن ابن عباس أنه قال: حضرت عصابة من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم، حدثنا عن خلال نسألك عنهن، لا يعلمهن إلا نبي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا عما شئتم، ولكن اجعلوا لي ذمة الله، وما أخذ يعقوب على بنيه، لئن أنا حدثتكم شيئا فعرفتموه، لتتابعُني على الإسلام. فقالوا: ذلك لك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوني عما شئتم. فقالوا: أخبرنا عن أربع خلال نسألك عنهن: أخبرنا، أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة؟ وأخبرنا كيف ماء المرأة وماء الرجل؟ وكيف يكون الذكر منه والأنثى؟ وأخبرنا بهذا النبي الأمي في النوم ومن وليه من الملائكة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”عليكم عهد الله لئن أنا أنبأتكم لتتابعني! فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق. فقال:”نشدتكم بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضا شديدا فطال سقمه منه، فنذر نذرا لئن عافاه الله من سقمه ليحرمن أحب الطعام والشراب إليه، وكان أحب الطعام إليه لحم الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها؟ فقالوا: اللهم نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد الله عليكم وأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، الذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ، وأن ماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله، فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة كان الولد ذكرا بإذن الله، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل كان الولد أنثى بإذن الله؟ قالوا: اللهم نعم. قال: اللهم اشهد! قال: وأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه؟ قالوا: اللهم نعم! قال: اللهم اشهد! قالوا: أنت الآن تحدثنا من وليك من الملائكة، فعندها نتابعك أو نفارقك. قال: فإن وليي جبريل، ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه. قالوا: فعندها نفارقك، لو كان وليك سواه من الملائكة، تابعناك وصدقناك. قال:”فما يمنعكم أن تصدقوه؟ قالوا: إنه عدونا. فأنزل الله عز وجل: هذه الآيات، فعندها باءوا بغضب على غضب.” (تفسير الطبري)
عباد الله: وهكذا علمنا عداوة اليهود لله وملائكته؛ ولا تخفى عداوتهم للرسل وفي مقدمتهم موسى – عليه السلام – حتى اتهموه في جسده؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” إن موسى كان رجلًا حييًا ستيرًا ، لا يُرى من جلدِه شيءٌ استحياءً منه ، فآذاه من آذاه من بني إسرائيلَ ، فقالوا : ما يستترُ هذا التسترَ ، إلا من عيبٍ بجلدِه : إما برصٌ وإما أدرةٌ ، وإما آفةٌ ، وإن اللهَ أراد أن يُبَرئَه مما قالوا لموسى ، فخلا يومًا وحده ، فوضع ثيابَه على الحجرِ ، ثم اغتسل ، فلما فرغَ أقبل إلى ثيابِه ليأخذَها ، وإن الحجرَ عدا بثوبِه ، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجرَ ، فجعل يقولُ : ثوبي حجرُ ، ثوبي حجرُ ، حتى انتهى إلى ملأٍ من بني إسرائيلَ ، فرأوه عريانًا أحسنَ ما خلق اللهُ ، وأبرأه مما يقولون ، وقام الحجرُ ، فأخذ ثوبَه فلبسه ، وطفقَ بالحجرِ ضربًا بعصاه ، فواللهِ إن بالحجرِ لنُدَبًا من أثرِ ضربِه ، ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا ، فذلك قولُه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا }(البخاري ومسلم)
ولما تكلم بعض الصحابة عن قسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم للغنائم قال: رحم الله أخي موسى أوذي أكثر من هذا فصبر .
بل إن موسى – عليه السلام – من كثرة غدر ومكر بني إسرائيل؛ دخل عليه ملك الموت فقال: أنا ملك الموت: فلطمه على وجهه وفقأ عينه ظنًّا منه أنه رجل من بني إسرائيل يمكر به؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:” أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام؛ فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ ؛ فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ. فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ: أَيْ رَبِّ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ….” (متفق عليه )
أيها المسلمون: هكذا عرفنا عداوة اليهود لله وملائكته ورسله كما سجلها القرآن؛ وفي العصر الحديث صرحوا بهذا الحقد والحسد على وحدة المسلمين وتضامنهم واجتماعهم في كتبهم واجتماعاتهم ومؤتمراتهم، ففي بروتوكولات (حكماء صهيون) قالوا: إننا لن نستطيع التغلب على المسلمين ماداموا متحدين دولاً وشعوباً تحت حكم خليفة واحد ، فلا بد من إسقاط الخلافة و تقسيم الدولة الإسلامية إلى دويلات ضعيفة لا تستطيع الوقوف في وجهنا فيسهل علينا استعمارها .
فعلى الأمة الإسلامية أن تتنبه إلى ذلك؛ ولتعلم أن أعداءها في كل مكان يتربصون بها الدوائر ؛ وأن هدف الغرب وعلى رأسهم اليهود هو نصب العداء للإسلام والمسلمين في كل مكان وزمان!!!
الدرس الثاني: الابتلاء والامتحان والاختبار
وهذا الدرس يتمثل في قوله تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ } يقول ابن كثير – رحمه الله:”يقول تعالى: إنما شرعنا لك -يا محمد -التوجه أولا إلى بيت المقدس، ثم صرفناك عنها إلى الكعبة، ليظهر حالُ من يَتَّبعك ويُطيعك ويستقبل معك حيثما توجهتَ مِمَّن ينقلب على عَقبَيْه، أي: مُرْتَدّاً عن دينه { وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً } أي: هذه الفعلة، وهو صرف التوجه عن بيت المقدس إلى الكعبة، أي: وإن كان هذا الأمر عظيماً في النفوس، إلا على الذين هدى الله قلوبهم، وأيقنُوا بتصديق الرسُول، وأنَّ كلَّ ما جاء به فهو الحقّ الذي لا مرْية فيه، وأن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فله أن يكلّف عباده بما شاء ، وينسخ ما يشاء، وله الحكمة التامة والحجة البالغة في جميع ذلك، بخلاف الذين في قلوبهم مرض، فإنه كلما حدث أمر أحدث لهم شكّاً، كما يحصل للذين آمنوا إيقان وتصديق”أ.ه
فتحويل القبلة جلَّى وأظهر الإيمان في نفوس المؤمنين، والنفاق والشرك في نفوس أهله.فالمؤمنون قالوا: سمعنا وأطعنا؛ كل من عند ربنا، أما اليهود فقالوا: خالف قبلة الأنبياء، ولو كان نبيا لاستمر على قبلته، وأما المنافقون فقالوا: ما يدري محمد أين يتجه في صلاته، إن كانت الأولى حقا فقد تركها، وإن كانت الثانية حقا فقد كان على الباطل.{ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} (الكهف: 5).
عباد الله: إن الله – عز وجل – حينما يأمرنا بأمر ؛ أو ينهانا عن شيء فإن ذلك اختبار وامتحانٌ لنا؛ وكل ما يمر بنا في هذه الدنيا من مصائب ونوائب وبلاء فإنما هو اختبار وامتحان؛ يقول الدكتور محمد خليل هراس :” اقتضت حكمة الله تعالى أن يبعث على الناس في عهد النبوة بين الحين والحين ريح فتنة يبتلى بها ما في النفوس ؛ ليظهر الصادق في إيمانه ، والتي لا تزلزله الفتن ، ولا تنال منه الزعازع ، من المنافق الذي لا يلبث أن يكشف ما في نفسه من ظلمات الشكوك ، وعوامل الهزيمة ، فيذوب في الفتنة كما يذوب الملح في الماء ، ولقد كان حادث تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام إحدى هذه الابتلاءات الكبرى التي أراد الله تعالى بها هز المجتمع الإسلامي لتسقط عن شجرته المباركة الأوراق اليابسة ، والثمرات العفنة ، ولا يبقى إلا القوى الجيد الذي له من صلابة الإيمان، وقوة اليقين ، ونور البصيرة ما يرد عنه مضلات الفتن ، وينجيه من بوائقها.” (تحويل القبلة ؛ مقال بمجلة التوحيد ؛ شعبان:1415هـ).
أحبتي في الله: إن العلاقة التي تربط الإنسان بالحياة الدنيا في التصور الإسلامي، هي علاقةُ ابتلاء؛ أي: اختبار وامتحان، وهي تعني اختبارَ طاعة الإنسان لله – عز وجل – واتِّباع تعاليمه في جميع شؤون الحياة، وهذا الابتلاء هو المظهر العمليُّ لعلاقة العبودية بين الله تعالى والإنسان، وعُمر الإنسان هو الزمن المقرَّر لهذا الابتلاء؛ { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا }[الملك: 2].
فالأرض هي قاعة الامتحان التي يجري فيها هذا الابتلاء، أما مواد الابتلاء، فهي جميع ما على وجه الأرض؛ المال فيها امتحان، والزوجة والأولاد امتحان، والغِنى والفقر امتحان، والصحة والمرض امتحان، والقوة والضَّعف امتحان، وكلنا مُمتحن في كل ما نَملِك، وفي كل ما يَعترينا في هذه الحياة، حتى نلقى الله؛ { وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } [الأنبياء: 35].
والموت هو نهاية مدة الابتلاء، والبعث والحساب هما فرْز نتائج الابتلاء، وتصنيف الناجحين والفاشلين، والمآل إلى الجنة أو النار هما الثمرة العملية لهذا الابتلاء.
وهكذا، فإن نقطة الابتلاء في حياة الإنسان هي هذه الزينة الموجودة في الأرض، هل يتناول منها القدر الذي أباحه الله وأحلَّه، أم يَنتهب ما حرَّم الله ولا يلتزم بطاعته؟!
أيها المسلمون: عندما غابت هذه الحقيقة عن أذهان أكثر الناس، انشغلوا بهذه الحياة الدنيا، فأصبحت منتهى أملهم، ومبلغَ عِلمهم، وغاية طموحاتهم، تراهم يتخبَّطون بين أمواجها، يتنافسون على شهواتها وملذَّاتها، يتسابقون على جمْع حُطامها الزائل، يَسكرون من كأس شرابها. من أجْل متاعها، يَخون الناس الأمانات، ويَنكثون العهود، ويَجحدون الحقوق، وينسَون الواجبات.
من أجل متاعها، يفترس القوي الضعيفَ، ويَلتهم الكبير الصغير، ويبغي الناس بعضُهم على بعض، ويعيشون كسباع الغابة، أو أسماك البحار. من أجل متاعها، يغش التجار ويُطفِّفون، ويطغى الأغنياء ويترفون، ويتجبَّر أصحاب الجاه والمناصب ويستعلون، ونَسُوا في غمرة سَكرتهم أن كلَّ هذه الزينة التي يتقاتلون من أجْلها، ستُصبح فانية مُضمحلة، وزائلة منقضية، وستعود الأرض صعيدًا جُرزًا، قد ذهبت لذَّاتها، وانقطَعت أنهارها، واندرسَت آثارها، وزال نَعيمُها؛ وكل ما فعلوه مسطور ومكتوب؛ وفي الآخرة تعرض أوراق الاختبار والامتحان على علام الغيوب !!!
الدرس الثالث: حرص المؤمن على أخيه وحب الخير له
عباد الله: إننا نلمح هذا الدرس المملوء بالحب والوفاء والإخلاص المتبادل بين الصحابة الكرام وحرص كل منهم على الآخر؛ وذلك من خلال سؤال الصحابة عن مصير صلاة إخوانهم الذين ماتوا وقد صلُّوا نحو بيت المقدس فأخبر الله – عز وجل – أن صلاتهم مقبولة . فَعنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:” لَمَّا وُجِّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْكَعْبَةِ؛ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } الْآيَةَ.( الترمذي وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ)؛ يقول الإمام البغوي: “{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } وذلك أن حيي بن أخطب وأصحابه من اليهود قالوا للمسلمين: أخبرونا عن صلاتكم نحو بيت المقدس، إن كانت هدى فقد تحولتم عنها وإن كانت ضلالة فقد دنتم الله بها، ومن مات منكم عليها فقد مات على الضلالة، فقال المسلمون: إنما الهدى ما أمر الله به، والضلالة ما نهى الله عنه. قالوا: فما شهادتكم على من مات منكم على قبلتنا؟! وكان قد مات قبل أن تحول القبلة من المسلمين أسعد بن زرارة من بني النجار، والبراء بن معرور من بني سلمة، وكانوا من النقباء ورجال آخرون فانطلق عشائرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله قد صرفك الله إلى قبلة إبراهيم فكيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟! فأنزل الله تعالى:{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } يعني صلاتكم إلى بيت المقدس.” (تفسير البغوي)؛ وقال الإمام السعدي:” ودخل في ذلك من مات من المؤمنين قبل تحويل الكعبة، فإن الله لا يضيع إيمانهم، لكونهم امتثلوا أمر الله وطاعة رسوله في وقتها، وطاعة الله، امتثال أمره في كل وقت، بحسب ذلك.”
أحبتي في الله: إن سلفنا الصالح كانوا قدوة ومثالاً للحب والإيثار؛ ولو كان بهم حاجة أو خصاصة؛ وشواهد ذلك كثيرة: فعن أنس قال: أهدي لبعض الصحابة رأس شاة مشوية وكان مجهوداً، فوجه به إلى جار له، فوجه به الجار إلى أهل بيت آخر، فتداولته سبعة أبيات حتى عاد إلى الأول، فنزلت: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ….}الآية. وقال حذيفة العدوي: انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عم لي في القتلى، ومعي شيء من الماء وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته، فإذا أنا به بين القتلى فقلت له: أسقيك؟ فأشار أن نعم. فإذا رجل يقول: آه! فأشار إليَّ ابن عمي أن أنطلق إليه، فإذا هو هشام بن العاص، فقلت له: أسقيك؟ فسمع آخر يقول: آه! فأشار هشام أن أنطلق إليه، فجئته فإذا هو قد مات، ثم رجعت إلى هشام فوجدته قد مات، ثم رجعت إلى ابن عمي فوجدته قد مات.”( سراج الملوك للطرطوشي)؛ وما أجمل قول الشاعر في حب الخير للغير :
أود الخير للدنيا جميعــــــا………………وإن أك بين أهليها غريبا
إذا ما نعمة وافت لغيــــري…………..شكرت كأن لي فيها نصيبا
تفيض جوانحي بالحب حتى…………….أظن الناس كلهمو حبيبا
أيها المسلمون: كثيرٌ منا – للأسف – يظن أن حب الخير لأخيه المسلم لا علاقة له بالإيمان؛ وأن الإنسان لا يحاسب علي ما يكنه الأخ لأخيه من حب أو بغض؛ أو حقد وغل وحسد أو سلامة صدر؛ سلبا أو إيجابا؛ كلا ؛ إنك لو نظرت إلى الشريعة الغراء لوجدت أن حب الخير للغير شعبة من شعب الإيمان كبقية العبادات من صلاة وصيام وحج وغيرها؛ وقد نفي النبي العدنان كمال الإيمان عمَّن لم يرتق إلى درجة حب الخير لأخيه ما يحبه لنفسه؛ فعَنْ أَنَسٍ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”(متفق عليه)؛ ” قال العلماء رحمهم الله : معناه لا يؤمن الإيمان التام ، وإلا فأصل الإيمان يحصل لمن لم يكن بهذه الصفة . والمراد يحب لأخيه من الطاعات والأشياء المباحات؛ ويدل عليه ما جاء في رواية النسائي في هذا الحديث ” حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه “؛ قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح : وهذا قد يعد من الصعب الممتنع ، وليس كذلك ، إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام مثل ما يحب لنفسه ، والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها ، بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئا من النعمة عليه ، وذلك سهل على القلب السليم ، إنما يعسر على القلب الدغل . عافانا الله وإخواننا أجمعين . والله أعلم .”(شرح النووي على مسلم) وقال ابن بطال:” معناه: لا يؤمن أحدكم الإيمان التام، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وقال أبو الزناد: ظاهره التساوى وحقيقته التفضيل، لأن الإنسان يحب أن يكون أفضل الناس، فإذا أحب لأخيه مثله، فقد دخل هو فى جملة المفضولين”؛ ” وقال جماعة : هذا الحديث ثلث الإسلام ، وأن الإسلام يدور عليه ، وعلى حديث : ” الأعمال بالنية ” ، وحديث : ” من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”(شرح النووي على مسلم)؛ فكمال الإيمان مشروط بأن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك تماما؛ وتكره له ما تكرهه لنفسك تماما؛ فعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به؛ وما أجمل قول الأحنف بن قيس: كنت إذا كرهت شيئا من غيرى لم أفعل بأحد مثله.
فما أحوجنا إلى تطبيق هذه المعاني السامية والقيم النبيلة على أرض الواقع؛ لتكون لنا نبراساً ومنهج حياة ليعم الحب والوفاء والتواد والتراحم بين أفراد المجتمع!!
الدرس الرابع: الارتباط الوثيق بين المسجد الأقصى والبيت العتيق
لقد ارتبط المسجد الأقصى بالمسجد الحرام برباط وثيق وعوامل مشتركة، يدرك ذلك من أول وهلة من عرف تاريخ المسجدين ، فأوجه الشبه والاتفاق – في الفضل والأحداث التاريخية – بينهما كبيرة ، وتتمثل فيما يلي:-
أولا: رحلة الإسراء والمعراج: فالمسجدان يشتركان في رحلة الإسراء والمعراج؛ فالمسجد الحرام مركز الانطلاق؛ وكان المسجد الأقصى مركزاً لنهاية الرحلة الأرضية ( الإسراء) ، وبداية للرحلة العلوية ، وهى المعراج ، قال تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ( الإسراء: 1)
ثانياً: تحويل القبلة: إذ جمعت بين المسجدين؛ فكان تحويل القبلة ذلكم الحدث العظيم من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام ، قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام}(البقرة: 144)؛ وكما أن المسجد الأقصى كان قبلة لجميع الأنبياء والرسل؛ فالمسجد الحرام أيضاً قبلة المسلمين إلى يوم الدين .
ثالثاً: شد الرحال: فيشترك المسجد الأقصى مع المسجد الحرام ، ومعهم المسجد النبوي ، أن هذه المساجد الوحيدة على ظهر الأرض التي يشرع شد الرحال ، والسفر إليها ، فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى.”(متفق عليه) فلا يجوز لمسلم أن يشد الرحال لأي مسجد غير هذه المساجد .
رابعاً:بناء الأنبياء: فيشتركان في أن الذي بناهما أنبياء : فالمسجد الحرام : بناه إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام ، قال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ }(البقرة: 127)؛ والمسجد الأقصى: تنازع العلماء في تعيين أول من بنى المسجد الأقصى، ولعل أعدل هذه الأقوال: أن الذي بناه يعقوب عليه السلام. (انظر: زاد المعاد ؛ والبداية والنهاية)؛ كما يشتركان في أنهما من أول المساجد التي بنيت لله في الأرض، فعن أبي ذر قال قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّل ؟َ قَالَ: ” الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ. قَالَ قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً؛ ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ” (متفق عليه)
خامسا: مضاعفة الحسنات: فيشترك المسجد الحرام والمسجد الأقصى في مضاعفة الحسنات فيهما مع اختلاف في الدرجات. فالصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة : فعَنْ جَابِرٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ :” صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي , أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ , إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ , وَصَلاَةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , أَفْضَلُ مِنْ مِئَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ.” ( أحمد وابن ماجة )
وفي المسجد الأقصى بخمسائة صلاة؛ فعن أبي الدرداء وجابر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” فَضلُ الصَّلاةِ في المسجِدِ الحرامِ علَى غيرِه مائةُ ألفِ صلاةٍ، وفي مَسجدِي ألفُ صَلاةٍ، وفي مَسجدِ بيتِ المقدِسِ خَمسُمِائةِ صلاةٍ”.(البيهقي )
سادسا: مغفرة الذنوب: فيشتركان أيضاً في أن من قصدهما الأول للحج ، والثاني للصلاة ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه .
ففي المسجد الحرام يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ؛ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.” ( متفق عليه )
وفي المسجد الأقصى يقول النَّبِيِّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ “: لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، سَأَلَ اللَّهَ ثَلاَثًا : حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ ، وَمُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَلاَّ يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ فِيهِ ، إِلاَّ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ, فَقَالَ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ.”(الطبراني وابن ماجة )
أحبتي في الله: إن الارتباط الوثيق بين المسجد الأقصى والبيت العتيق فيه دلالة على أهمية ومكانة المسجد الأقصى؛ وإشارة إلى أنه مسئولية جميع المسلمين؛ وأن واجب المسلمين نحوه هو تحريره والدفاع عنه؛ وأن حرمته وقدسيته لا تقل عن أهمية المسجد الحرام!!
الدعاء،،،،،،، وأقم الصلاة،،،،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي